الشرعية الدولية | |||||
كثيراً ما نسمع هذا المصطلح يتردد على الألسنة كثيراً، وفي الأخبار، وفي المقالات، وأنه يجب الالتزام بـ”الشرعية الدولية”.. ويفخر الكثيرون ـ عرباً ومسلمين ـ بأنهم يحترمون الشرعية الدولية ولا يخرجون عن أوامرها!! فما هي هذه الشرعية الدولية؟!
هي شرعية ـ كما يقولون – فمن الذي شرعها؟ أهو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ أليس لنا ـ نحن المسلمون ـ دور في بناء هذه الشرعية وتكوينها ووضع نظمها وقوانينها؟ يصفونها بأنها “دولية”، ومعنى هذا أن كل الدول في العالم – ونحن من هذا العالم – قد شاركت في تكوينها، فهل هذا صحيح؟ هل وضع هذه الأنظمة والقوانين نصف العالم، أم ربعه أم أقل من ذلك؟! الواقع يقول: إن واضع هذه القوانين هو الغرب النصراني وشقه الهالك “العالم الشيوعي”.. وأنه رتب هذه القوانين خلال قرون خمسة سيطر فيها على العالم ببحاره وأرضه، ثم سمائه بعد اختراع الطائرة، وفضائه بعد غزوه الفضاء، وليس للعالم الضعيف ـ ونحن منهم ـ من هذه الأنظمة إلا الاستجابة والسمع والطاعة، حتى وإن تفاخرنا بأننا من مؤسسي هيئة الأمم المتحدة الأوائل.. فما هو أثرنا في صنع أنظمة هذه المنظمة الظالمة وأختها السيئة الذكر”عصبة الأمم” التي أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى ثم ماتت في مهدها، وبعد الحرب الثانية قرر”المنتصرون” “الحلفاء” تأسيس هيئة الأمم ووضع نظمها وقوانينها على مقاسهم، ولخدمة أهدافهم، وما حق الاعتراض “الفيتو” للخمسة الكبار إلا نموذج صارخ للظلم والعدوان!! وقد استفتحت هذه المنظمة “الشرعية” “الدولية” وجودها بقرار تقسيم فلسطين السليبة بين العرب واليهود، وإقامة دولة لليهود على أرض العرب والمسلمين في فلسطين، في عدوان كريه قبيح مخالف للعدل الإنساني، فكيف بالعدل الإلهي؟! ونالنا طول الطريق ما نالنا من جرائم هذه “الشرعية الدولية” وكان من أواخرها سكوت هذه المنظمة عن مذابح إخواننا في البوسنة، بل وإشرافها على ذلك، ومشاركة ضباطها وجنودها في انتهاك أعراض النساء المسلمات هناك، وكذلك اقتطاع “تيمور الشرقية” من جسد إندونيسيا، وإقامة دولة نصرانية هناك غير تابعة للحياة.. والحديث يطول عن جرائم هذه المنظمة ضدنا وضد الإنسانية كلها، ولكن لا بد من الإشارة إلى جريمة اجتماعية خطيرة تدخلت فيها هذه المنظمة في أخص خصائص وأدق دقائق حياتنا في مؤتمراتها حول المرأة والزعم بحماية حقوقها (أقترح قراءة كتاب الدكتور فؤاد العبدالكريم حول هذه القضية؛ ففيه التفاصيل كاملة حول هذه الجريمة الشنيعة التي يراد بها إباحة الفواحش بكل أنواعها حتى التي لا تخطر على بال الحيوان). إذن فهي شرعية الظلم والعدوان والتجبر على عباد الله، يراد لنا – نحن المسلمون – أن ننقاد لها وإلا خضعنا لإجراءات هذه المنظمة الظالمة، خاصة البند السابع من المادة الحادية والخمسين من نظام هذه الشرعية الدولية، فيها دمر العراق مرتين ثم احتل من قبل الأمريكان، وبها ستغرب دول إسلامية أخرى وتمزق في المستقبل البعيد، بل ربما القريب، ومن خلالها سيتدخلون في حياتنا وعقائدنا وسلوكياتنا بدعوى مكافحة الإرهاب والقضاء على جذوره، التي يرون أنها الإسلام نفسه، وقد صرحوا بذلك في أكثر من مناسبة. من المؤلم والمؤسف بعد ذلك كله أن نرى كتبة مرتزقة في وسائل إعلامنا يرددون هذا المصطلح، ويطلبون من المسلمين الخضوع للشرعية الدولية، بل إن أحدهم اعتدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أنه خالف صلح الحديبية، وأنه صلى الله عليه وسلم خالف النصوص بقبوله لها، نعوذ بالله من ذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يخالف نصاً وهو ناقل النصوص وواضعها والمشرع للأمة، فكيف يقال إنه خالف النص؟! كل ذلك من أجل إخضاعنا للشرعية الدولية، وأن من أراد الحياة والسير في الركب فلا بد من خضوعه للشرعية الدولية!! وكل هذا الضجيج والإلزام بالشرعية الدولية وتأديب الدول الخارجة على قانون الشرعية الدولية، تخرج منه دولة اليهود وكأنها لم تخالف الشرعية الدولية المزعومة في أصل وجودها وفي تصرفاتها كلها، ومع ذلك فلا أحد يمس لها سترة، ولا أحد يعارضها في تصرف، بل وتصدر القرارات حتى من مجلس “الخوف” ضدها، ولا ننفذ منه قيد أنملة، فلا يفعَّل البند السابع من المادة الحادية والخمسين ضدها، ولا تحشد الجيوش لتأديبها.. فأين الشرعية الدولية وأين العدل المزعوم؟! وتأمل معي الحملات الهائلة على أي تملك لدولة إسلامية للسلاح الذري، بل حتى محاولة التملك، بل والكذب في ادعاء التملك، والصمت المطبق والخرس الكامل عن امتلاك دولة اليهود لما لا يقل عن مئتي رأس نووي مع وسائل إيصالها!! الشيخ خليفة بن بطاح الخزي رحمه الله المصدر: http://www.islaamlight.com/index.php?option=content&task=view&id=8381&Itemid=25 |