وجوب الاهتمام بشؤون الأمة

20 أكتوبر، 2016 1394 عدد الزوار

بسم الله الرحمن الرحيم
(وجوب الاهتمام بشؤون الأمة)

أولاً: أ- وجوب الاهتمام بشؤون الأمة:
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مَثلُ الجسدِ إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى) (صحيح مسلم، 2586)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ ولا يحقرُهُ، وحسْبُ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقرَ أخاهُ المُسْلِمَ) (المسند للإمام الأحمد، ج15/رقم 239)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) (صحيح البخاري، 24436).
ب- ترابط الكفار مع بعضهم ونصرتهم لبعضهم (اليهود، النصارى، وغيرهم).
ثانياً: ضخامة الأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذا الوقت (السيطرة اليهودية على فلسطين، حرب الخليج، أفغانستان، مشكلة الفلبين، والهند، وغيرهم من الأقليات الإسلامية التي تتعرض للاضطهاد، الحبشة وأريتريا، الصومال ومشاكله وانفصال شماله عن جنوبه، مشكلة الأكراد في شمال العراق، أحداث يوغسلافيا ومشاكل المسلمين فيها….) وأحداث أخرى كبيرة لا تُنسى منها الحل السلمي ومحاولة فرضه على الأمة بشتى الأساليب، وأحداث الجزائر وتونس والمغرب والأردن وعموم أخبار الحركة الإسلامية في بلاد الإسلام بعامة.
ثالثاً: موقف الإعلام الدولي وذيله العربي من هذه الأحداث:
1- الإعلام الغربي صاحب موقف مُحدد مُتحيِّز ضد المسلمين في كل مكان، ولا غرابة في ذلك، فهو متسق في ذلك مع عقيدته الصليبية ومطامعه الاستعمارية في السيطرة والتحكم بهذه الأمة، والقضاء على مقومات وجودها بكل السبل والطرق، لذلك نجد الحديث يَكثُر عن الإسلام وخطره وتحذير دول الغرب من هذا الدين واحتمال نهوضه، ويَكثُر الكلام عن الأصولية والأصوليين وتحريض الحكام المتسلطين في الأمة الإسلامية على القضاء عليها بإصرار ودأب لا يمل ولا يكل، وأدلة هذا الأمر أكثر من أن تُحصى، وبمجرد أن تسمع أقوال الصحف البريطانية في إذاعة لندن ولو لبعض المرات ستجد هذا الأمر واضحاً.
ولكن الأمر الأخطر من ذلك هو اتباع وسائل الإعلام العربية للإعلام الغربي خطوة بخطوة، وسنحاول في هذه العجالة أن نبين الخطوط الرئيسية لهذه الوسائل في تعاملها مع أحداث الأمة الإسلامية، ونظراً لكثرة هذه الأحداث وتشعبها فسنكتفي بإلقاء الضوء على موقف هذا الإعلام وخاصة الجرائد والمجلات من الدعوة الإسلامية خاصة الجزائر وتونس، ويُقاس الشاهد بالغائب لأن أسلوب تعامل الإعلام مع الدعوة الإسلامية أسلوب واحد لا يتغير.
‌أ- في مقدمة الحديث نقول: نحن لا ندافع عن الأشخاص لأشخاصهم، وإنما ندافع عن المبادئ الإسلامية التي اتخذها هؤلاء غرضاً يُرمى به من خلال الحديث عن الدعوات والحركات والأشخاص، وكذلك فنحن لا نبرئ أحداً من الخطأ، بل من الأخطاء الكبيرة التي وقع بها مثل الغنوشي والترابي، ولكننا نقول: إن الصراع ليس بين هؤلاء الأفراد وخصومهم، بل هو صراع بين الإسلام وأعدائه، فلا يجوز لنا أن نقف على الحياد مهما كانت أخطاء المحسوبين على الدعوة الإسلامية، فواجبنا أن ندافع عنهم وننصرهم ضد أعداء الإسلام، وفي نفس الوقت نبين أخطاءهم بعدلٍ وإنصاف.
‌ب- اتضح أن التركيز الإعلامي على أي حدث تعتيماً أو إبرازاً خاضع لمعطيات خفية أو ظاهرة لا علاقة لها بأهمية الحدث وخطورته على الأمة الإسلامية، فقد تقع أحداث خطيرة على الأمة، ومع ذلك نجد أن الإعلام العربي بخاصة ساكتٌ كأن الأمر لا يعينه [مثل] مشكلة جمهورية البوسنة المسلمة في يوغوسلافيا، ومحاولة الصرب والكروات اقتسام هذه الجمهورية بينهما، وقضية أفغانستان حيث صمت الإعلام عنها، مع أنه تجرى فيها أحداث ضخمة، ومعارك طاحنة، ومساومات سياسية بين الدول الكبرى، وكشمير وما يجرى فيها لا يُذكر منه إلا النزر اليسير من الأخبار، ومذابح المسلمين في الهند والفلبين وسيرلانكا، والصراع بين الإسلام والعلمانية الكافرة في إندونيسيا، والأحداث التي تقع في الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي (أوزبكستان– قرقيزيا- طاجيكستان- أذربيجان).
بينما نجد أن أحداثاً قد تكون أقل أهمية أو موزاية في الأهمية يكثر الحديث عنها، والتركيز عليها، فمثلاً: مشكلة الأكراد في شمال العراق نجد الحديث يكثر عنه بشكل يومي في الإذاعة والصحافة والتلفاز، مع أن هناك مشاكل لاجئين آخرين، وهم أيضاً من المسلمين كلاجئي أفغانستان والقرن الإفريقي (الصومال، الحبشة، أريتريا) ومثلاً: مقابل الصمت عن ما يجري للمسلمين في جمهورية البوسنة المسلمة، أو مقاطعة كوسوفو المسلمة في يوغوسلافيا، نجد الحديث عن جمهوريتي سلوفينيا وكرواتيا وحقهما في الاستقلال والحرية!
ومقابل الصمت عن الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي نجد الحديث عن جمهوريات بحر البلطيق (استونيا- لاتفيا- وأرمينيا- وجورجيا- ومولدافيا) وكلها من الجمهوريات السوفيتية، وعن وجوب حصولها على الاستقلال ونيل حقوقها!
ومقابل الصمت عن المضطهدين من المسلمين حتى في ديار الإسلام، نجد الحديث عن الحقوق والحريات لليهود في الاتحاد السوفيتي والحبشة، بل وسوريا، ووجوب الحفاظ على حقوقهم والسماح لهم بالهجرة إلى دولة اليهود في فلسطين! وذلك من قبل الإعلام الغربي وربما شاركه الإعلام العربي بطريقة غير مباشرة.
‌ج- ولنأخذ أحداث المغرب العربي (الجزائر– تونس) كمثال صارخ على هذا التفاوت بين التضخيم والتعتيم وذلك بشيء من التفصيل:
1- تيسر لي متابعة جريدة واحدة خلال الأشهر الأربعة الماضية وهي جريدة (الشرق الأوسط) وهي محسوبة من جرائد المملكة العربية السعودية بلاد التوحيد والإسلام، فلم أجد هنالك فرقاً بين معالجتها لقضية الجزائر مثلاً، ومعالجة الصحف الغربية التي تنقل هي أقوالها يومياً وبدون مبالغة لا يخلو عدد من هذه الجريدة تقريباً من تكرار كلمة الأصولية والأصوليين على سبيل اللمز والتحريض، وفي الغالب يكون الحديث عن جبهة الإنقاذ في الجزائر، وقد يكون الحديث عن الدعاة في مصر أو الأردن أو المغرب الأقصى.
2- تتركز معالجة هذه الجريدة (الشرق الأوسط) وغيرها من المجلات والجرائد الأخرى، وبعضها تصدر داخل المملكة، على عدة أمور( ):
أ- التشويه:
ولنلق نظرة سريعة على بعض عناوين هذه الصحف والمجلات: غزاي يدعو للتخلي عن العنف، والأصوليون ينادون بتخزين السلاح (الشرق: 23/6/1991م)، جبهة الإنقاذ تهدد بالانتقال إلى العمل السري (الشرق: 24/12/1411هـ)، علي بلحاج صوت التطرف الجزائري وحمامات الدم بالشارع الجزائري (الجزيرة: 5 محرم 1412ه)، ثلاثي التآمر تسربلوا بعباءة الدين ليخفوا مخططهم المشبوه (الجزيرة 3 محرم 1412هـ)، أوجه الشبه بين الجبهة الإسلامية والشيوعيين (الشرق 29/7 و 30/7)، قصة الجندي الجزائري الذي ذبحته عصابة عباس مدني وألقت به أسفل الجسر (الجزيرة 12 محرم 1412هـ)، الجيش ضَبَطَ ذخائر في معاقل الأصوليين (الشرق: 4/7/1991م)، طلاب أصوليون يعرقلون الدراسة في كلية طب الدار البيضاء (الشرق: 3/12/1411هـ)، وهذا قليل من كثير، بل إني تركت بعض العناوين الجارحة الخارجة عن الذوق والأدب الإسلامي.
ب- الاتهام بالكفر:
هذه الوسائل الإعلامية تتهم الإسلاميين بالتشدد والتطرف، ثم تطلق عليهم ألقاب الكفر جزافاً، ومع الأسف على ألسنة بعض المنسوبين إلى العلم، وإليك بعض العناوين في هذا الموضوع، في رأي الجزيرة يقول الكاتب: “إن جل الحركات التي أَضْمرت العداء للإسلام وما زالت، كانت تتخذ مظهر الدفاع عن الإسلام في الظاهر، ولكنها عملت على هدمه في الباطن، فمنذ الفتنة الكبرى ومقتل الخليفة عثمان بن عفان  وما تلا ذلك من فتن ونِحَل وفرق بَلَغت الأمصار، نجد أن من تَزَعَّم هذه الحركات انتهج أسلوب التُّقية، ليتمكن من بذر بذور الشقاق في صفوف المسلمين، واستخدم عدة مسميات خادعة في الدعوات الضالة المُضِلِّة فهاكم المزدكية والبهائية والباطنية وسواهم، لتدركوا أن ما يتغير هو الاسم فحسب، أما الأهداف فهي واحدة تُجِمع على الهدم، وتنشد الفرقة، وتُشِيع الفتن” (الجزيرة: 17 محرم 1412ه) انتهي كلامه. ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
نقلت الجزيرة عن أحد المسؤولين الكبار في الرابطة قوله على شكل عنوان: “بعض المدعين تتحكم فيهم عواطف ومصالح، والإسلام بريء منهم”، تقول اليمامة على لسان أحد كتَّابها: “إن الترابي دهري، لا يؤمن بجنة ولا بنار، ولا بعث ولا نشور” (اليمامة: 20/1/1412هـ). ولا يأتي القائل بأي دليل يدل على كلامه.
ج- الاتهام بالتشدد والتطرف وتكفير الآخرين:
وهذا لا يكاد يخلو منه عدد من أعداد الشرق، ومجلة المجلة، وجريدة الجزيرة أخيراً، بل إن شيخاً ليس مغموراً يقول في جريدة الجزيرة: “يدَّعون أن كل من يخرج عن رأيهم خارج عن الإسلام ويُمَارِسون الإرهاب الفكري” (الجزيرة: 18/1/1412هـ).
د- تحريض الحكام عليهم:
يَعرف هؤلاء الإعلاميون والكُتَّاب أنهم عاجزون عن مقاومة الإسلام إذا تُركت له الحرية في القول والنشر وتوعية الناس وتبصيرهم، لذلك نجدهم يحاولون قمع الإسلاميين والتضييق عليهم، من خلال تحريض الحكام على قمعهم والقضاء عليهم، مشاركين بذلك الإعلام الغربي في التحريض، ولنرى بعض العناوين والعبارات:
يقول أحد كُتَّاب الشرق: “يبقى أن اعتقاداً يسود بين كثيرين ممن تابعوا موقف بعض الأصوليين من مغامرة غزو الكويت، وخلاصته أن ما حدث في الجزائر ليس سوى بداية، وأن حركات أصولية في دول عربية أخرى وقفت الموقف نفسه من (الغزو) ومبايعة (الغازي) يستعدون هم أيضاً لتجريب حظوظهم هم… لننتظر ونرى” (الشرق: 9/6/1991م).
وأبرز أسلوب تسلكه هذه الجرائد في هذه المسألة هو اتهام الإسلاميين بأنهم يسعون إلى السلطة، بل إن جريدة الشرق أيضاً نشرت عنواناً يقول: “أجهزة الأمن التونسية تبحث عن مائة من قياديي النهضة” (الشرق: 26/5/1991م)، ثم تتطوع بنشر أسماء خمسة منهم وأرقام هوياتهم، فكأنها تحولت إلى بوليس للطغاة الكفرة في تونس، واستدرجت الشرق أحد المسؤولين في رابطة العالم الإسلامي ليقول، وتنشر هي بعنوان عريض: “الجماعات الإسلامية اعتبرت نفسها منافسة لحكومات بلادها ومتحدية لها، وهذا خطر عظيم” (الشرق: 3/6/1991م).
وتقول الشرق: “احتمال فوز الإنقاذ في الانتخابات الجزائرية يعني إمكانية خَضَّة في العلاقات المغاربية” (الشرق: 16/5/1991م)، وتقول الشرق بالخط العريض على الصفحة الأولى: “كَشْفُ خُطةٍ من خمس مراحل لقلب نظام الحُكم في تونس”، وذلك في إحدى أعدادها.
وعنوان آخر في الشرق تقول: “لأنها تسعى إلى الحكم في تونس وليس مجرد المشاركة فيه: الحركة الأصولية تمردت على الدور الهامشي، ومحاولتها الأخيرة أرادت تكرار تجربة مالي” (الشرق: 23/5/1991م)، وتقول: “العواصم المغاربية تتابع التطورات في الجزائر وأوساطها تترقب من سيكسب الجولة النهائية” (الشرق: 6/6/1991م).
تقول الشرق: “متطرفو الإنقاذ يقطعون الطريق على المعتدلين في اجتماع باتنة” (الشرق: 17/1/1412هـ)، ويكتب محمد التونسي في الشرق بعنوان: “محاربة التطور بالجهل والتطرف” (الشرق: 10/6/1991م).
ويُكثِرُ من الخوض في المسألة بأسلوب ساقط فحواه أنه لا يمكن الوقوف في وجه التطور، ثم يدافع عن استخدام الدول الكبرى للأقمار الصناعية في التجسس ويسميه: الاستقصاء والبحث عن المعلومة، ثم يستدل عليه بخدعة نعيم بن مسعود الأشجعي للأحزاب في غزوة الخندق، ثم يختم كلامه قائلاً: “إن موجة التطرف التي تواجهنا اليوم باسم الصحوة تستوجب علينا صحوة تعتمد المنهج المنظم في مواجهتها، إذ لا مناص من وقفة لتوخي العقلانية وتتبع المنطق، وتقرأ التاريخ أمام الجهل بالحقائق والتطرف في الأحكام”.
ه- الخلط بين الاتجاهات الإسلامية المختلفة ومحاولة الإصرار على أنهم خط واحد ينتهجون أسلوباً واحداً، والحكم عليهم بحكم واحد، وأوضح دليل على ذلك محاولة جريدة الجزيرة وفي أعداد متتالية الربط بين ما تسميه الثلاثي: الترابي، الغنوشي، عباس مدني.
مع العلم أن عباس مدني ليس من مشرب الأولين، ولا علاقة له بهم، فهو وعلي بلحاج صاحبا اتجاه سلفي صحيح ولا يريان أسلوب العنف، أما المظاهرات التي في الجزائر فلها أسباب أخرى، بل إن السلطة هي المتهمة باستخدام العنف أمام مظاهرات تغلب عليها السلمية، ولكنه الهوى والتضليل الإعلامي المقصود.
و- محاولة إظهار الفرقة في صفوفهم وما أكثر ما يَرد في عناوين الشرق أثناء الأحداث: انشقاق في الإنقاذ ثم ذِكْرُ أسماء المنشقين، وإبراز أدوارهم، وأنهم من المعتدلين، وقد مر معنا بعض الألفاظ التي نسبوها لبعض العلماء في الحكم على هؤلاء، ونسأل الله العافية.
هجوم أصولي على مدني بعد تصاعد المواجهة في الجزائر: الإنقاذ تنقسم والدبابات تعود إلى الشوارع (الشرق: 27/6/1991م)، وفي (الجزيرة: 12/1/1412هـ) ذُكِرت هذه العناوين في صفحة واحدة: ثلاثة أحزاب إسلامية تنسحب من الجبهة بسبب ممارسات مدني، فقيه( )، البشير، وعباسي مدني خطر على جبهة الإنقاذ وعلى المسلمين، وسحنوني في (الجزيرة: 5/1/1412هـ) يقول( ): “مدني وبلحاج يشكلان خطراً على الجبهة وعلى المسلمين”.
ز- إظهار الشماتة بهم:
وذلك من خلال ذكر هزائمهم وانتكاساتهم والأحكام التي صدرت عليهم، وانظر إلى هذه العناوين: محكمة تونسية تعيد النظر في الأحكام ضد أعضاء النهضة (الشرق: 16/6/1991م)، وانطلاق الحملة الانتخابية في الجزائر، واستطلاع يرجح فشل الأصوليين (الشرق: 2/6/1991م)، ومسيرات محدودة في العاصمة الجزائرية، والإضراب انتكاس لجبهة الإنقاذ (الشرق: 27/5/1991م)، والإعدام لخمسة أصوليين في تونس (الشرق: 28/6/1991م)، وإعادة محاكمة أصوليين تونسيين الثلاثاء (الشرق: 20/6/1991م)، والعسكر ينْقضُّ على الأصوليين (الحياة: 2/7/1991م)، ومحكمة التعقيب التونسية صدَّقت على الإعدام لخمسة من النهضة (الشرق: 14/7/1991م)، وخطة بن علي السرية لمحاصرة بقعة الأصوليين (الأسبوع العربي: 15/7/1991م).
ح- محاولة إلصاقهم بحاكم العراق صدام حسين:
نحن لا ننكر أن بعض زعامات الحركات الإسلامية خُدعت بصدام حسين، وادَّعَوْا أنه تاب ولابد أن نتعامل معه، وهذا يدل على سذاجة فكرية، وخلل عقائدي ولكن هناك بعض النقاط:
1- لا نصدق كل ما قيل في وسائل الإعلام عن هذه المسألة، مع أن ديدنها الكذب والتزوير.
2- كثير من الحركات الإسلامية لم تؤيد جريمة صدام في الكويت، وإنما اعترضت على أمور أخرى ففُهم أنها تؤيد صدام.
3- لا يجوز لنا أن نضخم أخطاء الإسلاميين ونركز عليها، وننسى جرائم القوميين والعلمانيين وأنهم أيَّدوا صدام معنوياً ومادياً قبل غزوه للكويت، ثم وقفت الأكثرية الساحقة معه بعد الغزو.
وهذه بعض العناوين في الصحف العربية التي تحاول إلصاق هذه الجماعات بصدام حسين:
– (مجلة اليمامة في عددها 20/1/1412هـ) تُجرى مقابلة مع الغنوشي يتخلى فيها عن آرائه في أزمة الخليج، ومع ذلك فهي لا تغفر له -استغفر الله- وتقول في مقدمة الحوار: “لكن في هذه المقابلة التي تنشرها اليمامة: …تبدو صورة الغنوشي السياسي البراغماتي (المصلحي) في أحسن صورها، فالرجل لا يُخفي أن هدفه الوصول إلى الحكم في تونس بأساليب جديدة، ويبدأ انسحابه من الخندق (الصدامي) بأسلوب خجول لكنه أول الغيث على أية حال”.
– مسؤول في رابطة العالم الإسلامي: “الزعامات التي تدَّعي الإسلام وتؤيد صدام أثبتت أنها جوفاء كاذبة ومرتزقة” (الشرق: 1/3/1991م).
– الثلاثي شوهوا صورة الإسلام بانسياقهم وراء السياسيات المنحرفة لحاكم العراق، وأيدوا توجهات حزبٍ كَفَرَ بالإسلام عقيدة وشريعة (الجزيرة: 13/1/1412هـ).
– صورة من الجزائر فيها كتابات بخط اليد على الجدران تقول: “العراق – الله أكبر- نصر من الله” وتحتها تعليق يقول: “الوقوف مع الجانب المعتدي في حرب الخليج” (المجلة: 24/7/1991هـ).
ط- حقائق عن أزمة الجزائر:
أصل القضية: الجزائر بلد الإسلام وهذه حقيقة لا مِراء فيها، وقد قاوم المسلمون فرنسا أكثر من ثلاثين ومائة سنة، ثم طردوها بالدماء وبمليون من الضحايا التي ندعو لهم بالرحمة، وبعد الاستقلال استلمت الحكم في الجزائر طغمة علمانية جائرة كافرة، حوَّلت البلد إلى سجن كبير ونشرت فيه الخراب والبؤس والانحلال، وحاربت الإسلام بكل ما تملك، واستطاعت أن تقوم بدور الأجنبي المستعمر الكافر وأشد، ومع ذلك أبى هذا الشعب العظيم الاستسلام والذوبان فانفجر في ثورة عارمة في أكتوبر 1988م، واستطاع أن ينتزع بعض حرياته السياسية والدينية.
ورأى الأعداء من داخل الجزائر وخارجها أن الإسلام بوجود هذه الحرية المحدودة يتقدم ويسيطر على الجزائر، وذلك عندما فاز بالانتخابات البلدية وانتخابات الولايات بأكثر الأصوات، وكذلك من خلال سيطرته على الشارع الجزائري ومنْعِه لكثير من المنكرات التي تتباكى عليها جريدة الشرق في أكثر من عنوان وأكثر من خبر.
فلما رأوا ذلك أحسوا بالخطورة فدبروا ما دبروا من خلال استفزاز المسلمين في عدة أمور، أبرزها، ما يُسمى بقانون الانتخابات وتغييره لمصلحة الحزب الحاكم والأحزاب العلمانية، ثم جُرَّ المسلمون إلى المواجهة من خلال المظاهرات السياسية السلمية التي استخدمت فيها السلطة كل مظاهر القسوة والقوة من استعمال الغازات المحرمة، واقتحام المساجد واستعمال الذخيرة الحية، مما أوقع عدداً كبيراً من الضحايا بين قتيل وجريح ثم ختموها باعتقال ما لا يقل عن ثمانية آلاف جزائري، والتمهيد لمحاكمتهم، ثم الحكم عليهم، والله أعلم بما يقاسون في سجون الظلمة.
وأما علاقة الدول الغربية بالقضية فنذكر فيها التصريح المشهور لرئيس فرنسا (ميتران): “إذا وصل الأصوليون إلى السلطة فسأحتل الجزائر كما احتل بوش بنما”.
وسنأخذ أدلتها من جرائد هؤلاء السفهاء المؤيدين لطاغية الجزائر في فعله بالمسلمين، ومن ذلك العناوين التالية:
أحداث الجزائر أقلق المصارف الدولية الدائنة، ولكنها ستدفع الحكومات الغربية لزيادة مساعداتها (الشرق: 17/6/1991م)، وباريس تُعبِّرُ عن اهتمامها واستعدادها للمساعدة: الجزائر هادئة…. (الشرق: 7/6/1991م)، و فرض المجموعة الأوروبية للجزائر اقتراح بالثقة في نهجها الاقتصادي (الشرق: 19/7/1991م). واتفاق على التنسيق الكامل بين باريس وتونس فيما يتعلق بمراقبة قادة الحركات المتطرفة (الشرق: 13/7)، وميتران لن يلتقي عرفات في تونس اليوم: التطورات المغاربية ونشاطات قيادة النهضة تتصدر المحادثات (الشرق: 11/7/1991م).
ي- ما هو دورنا:
عوداً على بدء نذكِّر إخواننا المسلمين بما ذُكِر في أول الدرس بوجوب مناصرة المسلم والدفاع عنه، وعدم الانخداع بهؤلاء السفهاء ووسائل إعلامهم، والبحث عن الحقيقة من خلال وسائلها الصحيحة، وقراءة ما بين السطور». انتهى ما ختصرناه من كلامه رحمه الله.

التعليقات

بدون تعليقات حتى الآن.

إكتب تعليقاً

الإسـم

بريـدك

موقعك الإلكتروني

أكتب تعليقك