قبل حرب أمريكا على العراق

20 أكتوبر، 2016 3568 عدد الزوار

بسم الله الرحمن الرحيم
قبل حرب أمريكا على العراق

أولاً/ مراحل تطور الصراع الدولي:
1– سيطرت أوروبا الكاملة على مجريات الأحداث مع مشاركة أمريكية خجولة ينتهي ذلك مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وذلك لبروز أمريكا كدولة كبرى ومساهمتها المباشرة في الحرب مع انكفائها على نفسها تبعاً لمبادئ ويلسون في السلام والانعزالية.
2– بروز الدور الأمريكي بشكل فعال في الحرب العالمية الثانية، وظهورها كقوة عظمى، ومشاركتها مشاركة فعالة في أحداث العالم مع نشوء قوة المعسكر الشرقي الشيوعي، ونشوء ما يسمى بالحرب الباردة التي استمرت قرابة الخمسين عاماً وأدارتها أمريكا وحلفائها مع الغربيين إدارة قوية انتهت بسقوط المعسكر الشيوعي الشرقي، وتفرد أمريكا بقيادة العالم مع مشاركة ضعيفة من بقية الدول وتبعية شبه كاملة لأمريكا من معظم دول العالم مع الإشارة لحرب الخليج عام 1990 – 1991م.
3- أحداث سبتمبر 11/ 9/2001م وضرب أمريكا في عقر دارها، ودور هذه الأحداث في تأكيد الدور الأمريكي والتفرد بقيادة العالم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، بل وعقدياً وفكرياً واجتماعياً وعلمياً.
ثانياً/ حرب الإرهاب (سبتمبر):
استغلت أمريكا هذه الأحداث وبعض الأحداث التي قبلها (العليا، ونيروبي، ودار السلام، وكول، والخبر مع اختلاف الفاعل) في إعلان حرب طويلة الأمد على ما يسمى بالإرهاب، واستنفرت قواها كلِّها وحشدت العالم وراءها في هذه الحرب، وأعلن بوش مبدأه الشهير “من ليس معنا فهو ضدنا” فتسابق العالم إلى تأييدها في هذه الحرب مع اختلاف الدوافع (الخوف –العمالة– المشاركة في الفكر والتوجه…) فأعلنت الحرب على أفغانستان في 7 أكتوبر 2001م، وانتهت النهاية المعروفة للجميع، وأعلن بوش أنها حرب طويلة لن توفر أحداً، وأنها تشمل جميع الميادين العسكرية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والعقدية، وأعلن ما يسمى بمحور الشر (العراق، ايران ، كوريا) وأخفى بعض الأجندات الأخرى (اليمن – سوريا – ليبيا – السعودية …).
واشتغلت ماكينة الدعاية الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً متهمة هذا الطرف أو ذاك بدعم الإرهاب أو التغاضي عنه وواضح جداً أن التركيز كان على المسلمين جماعات وأفراداً ودولاً، وأن الحرب كانت ضد الإسلام كدين ونظام اجتماعي شامل ومنافس قوي للحضارة الغربية المفلسة.
ثالثاً/ العراق:
برز العراق في هذه المعمعة كهدف رئيسي لأمريكا وحلفائها لأسباب عدة:
1- احتمال امتلاك العراق لما يسمى بأسلحة الدمار الشامل (الذري – الكيماوي – الجرثومي) أو على الأقل امتلاكه القدرة العلمية (مال – مختبرات – علماء – بنية علمية قوية…) مع وجود تصنيع صاروخي لإيصال هذه الأسلحة.
2– وجود جيش قوي لدى العراق حتى بعد حرب الخليج، وفقدان العراق كثيراً من قدراته العسكرية.
3– قرب العراق من ربيبة أمريكا المدللة إسرائيل، وإمكانية وصول هذه الأسلحة إلى هذه الدويلة الهشة.
4– سيطرة الاتجاهات اليمينية المتعصبة في أمريكا بوصول الجمهوريين وبوش وأركان حكومته، لاسيما نائب الرئيس تشيني، ووزير الدفاع رامسفيلد، وبعض نوابه، ومستشارة الرئيس كونداليزا رايس مع انتماء الرئيس وعصابته إلى الكنيسة الانجيلية الصهيونية وعدد أعضائها يصل إلى 90 مليون أمريكي مع إيمانها بكثيرٍ من الخرافات والأساطير (هرمجدون – الآشوري – نزول المسيح – فناء القوى الأخرى) مع التذكير بسيطرة اليهود على مجالات السياسية والإعلام والاقتصاد في أمريكا، وهذه حقيقة لا يُجادل فيها مجادل.
5– سعي أمريكا إلى السيطرة على موارد الطاقة العالمية، لاسيما النفط، نظراً لنضوب نفطها في المستقبل واحتياجها المتزايد إلى نفط المنطقة الرخيص السهل، وللضغط على القوى المنافسة في المستقبل (الصين– اليابان – أوروبا) مع الإشارة إلى تاريخ أسرة بوش مع شركات النفط وعلاقتهم القوية بهذه الشركات مع النفوذ السياسي لهذه الشركات.
6– حاجة شركات تصنيع الأسلحة إلى حرب جديدة تستهلك السلاح القديم، وَتُجرب السلاح الجديد في حرب فعلية، وليست مناورات كمبيوترية أو مناورات فعلية، وضخ مزيداً من المال لهذه الشركات لتسليح الجيش الأمريكي ودول المنطقة الخائفة أو المُخوفة.
7– الاستغناء عن النظام العراقي والحاجة إلى تغييره بعد أن أدى الغرض منه، وصعوبة احتوائه لأسباب تخص هذا النظام.. مع شعور بوش الابن بضرورة اكمال مهمة بوش الأب الذي لم يُرد قبل أحد عشر عاماً إسقاط هذا النظام لأسباب استراتيجيةٍ (الوقوف في وجه إيران –تخويف دول الخليج– اعتقاده بقدرته على اخضاع هذا النظام، واحتوائه من خلال الحصار والتفتيش، وإعلان مناطق حظر الطيران في الشمال والجنوب، ومواصلة الغارات عليه وهي لم تنقطع تقريباً منذ أربع سنوات أو أكثر، والمراهنة على سقوط هذا النظام من خلال الثورة الشعبية “الانتفاضة”) وقد فشلت فشلاً ذريعاً، واضطر الأمريكيون إلى سحب عملائهم في الشمال قبل أن يقعوا في يد النظام.
8– العراق يشكل قوة إقليمية محورية مهمة وإسقاطه يعني فتح الباب لتغييرات جذرية وعميقة في المنطقة وهو ما يتفق مع الأحداث الأمريكية.
9– انهاك المنطقة اقتصادياً واشغالها بآثار الحرب: تمويل الحرب، معالجة الاقتصاد الضعيف، الديون، إعمار العراق بعد تدميره في حربين متتاليتين والثالثة على الأبواب، وكلها لأمريكا فيها اليد الطولى، إلزام العراق بدفع تعويضات الحروب الثلاثة فيما يستغرق انتاج العراق لمائتي سنة قادمة.
10– استغلال الحرب لحل القضية الفلسطينية حسب رغبات الغرب وأمريكا وإسرائيل بإيجاد الوطن البديل أو توطين الفلسطينيين في الأردن والعراق وسوريا –لاسيما العراق– فقد عَرَضَ أحد أقطاب المعارضة العراقية وفيق السامرائي وهو رئيس استخبارات سابق في النظام العراقي توطين أربعة ملايين فلسطيني في العراق البلد الواسع الغني بموارده، القوس في اتجاهه وذلك في مقالتين في جريدة الشرق الأوسط قبل أشهر.
وذلك بعد تدمير معنويات الفلسطينيين داخلياً ومباشرة وخارجياً بتدمير العراق وانهاك الأمة كلها، وقد سمعنا الأردن قبل بدء الحرب يرفع شعار “الأردن أولاً”، وسمعنا زعيم أكبر دولة عربية وأقوى دولة عربية (مصر) يقول تعليقاً على قضية تفتيش القصور الرئاسية العراقية: ما يفتشوها أحسن من ما يدمروها”.
لكل هذه الأسباب وغيرها بدأت أمريكا في تحريك موضوع العراق منذ أكثر من سنة بدءاً باتهامه بالعلاقة بالقاعدة، ومحاولة اثبات ذلك مع وضوح الكذب في ذلك وعدم ثبوته, مروراً باتهام العراق بامتلاك وإنتاج أسلحة الدمار الشامل وخطورة ذلك على جيرانه!!!! والعالم أجمع وانتهاءً بِمُحاربة الديكتاتوريين الطغاة وإنقاذ الشعوب منهم.

رابعاً/ هل المستهدف هو العراق وحده؟
من خلال قراءة الأحداث القريبة ومتابعة ما يُنشر في الإعلام الغربي وهو مُعبرٌ عن توجهات الشعوب وصناع القرار ومتابعة تصريحات المسئولين الغربيين والأمريكان خاصةً يتضح أن أمريكا لن تقتصر على العراق: محور الشر، محاربة الأنظمة الديكتاتوريةـ تغيير الأنظمة السياسية والاجتماعية والفكرية، الإعلان الصريح والمُبَطَّن أن العدو الحقيقي هو: الإسلام والقرآن والنبي  والكعبة والتعصب والأصولية والإرهاب ومفهوم الجهاد ومناهج التعليم الديني ووجوب إطلاق الحريات بأنواعها.
خامساً/ توقعات سير الأحداث في العراق:
من الواضح أن الحرب حتميةٌ ما لم يسقط النظام، وتتمكن أمريكا من السيطرة على العراق سيطرة كاملة وإيجاد نظام مُوالٍ لها ويتضح هذا من خلال عدة أمور من أهمها النظر في الأحداث السابق ذكرها وتأملها مع ما يلي:
1– الحشد العسكري المتلاحق عدداً وعدة وقيادة وقواعد وحرباً نفسية.
2– إعلان الهدف بوضوح تام (إسقاط النظام مهما كانت التطورات).
3– عزم أمريكا على التغيير الشامل والسيطرة الشاملة ومفتاح ذلك هو العراق.
4– التصريحات السياسية المتلاحقة من قبل بريطانيا وأمريكا.
5– موافقة أغلب دول المنطقة إن لم يكن جميعها على إعطاء أمريكا ما تريد من التسهيلات.
6– إدخال هيئة الأمم المتحدة في الخطة الأمريكية وإصدار قرار مجلس الأمن 1441 وتصميمه بطريقة يُراد منها إعلان الحرب لأبسط الأسباب، مع السعي لإصدار قرار جديد أشد من السابق وأكثر وضوحاً.
7– إصرار النظام العراقي على البقاء مهما كانت التنازلات وتشبثه بالسلطة.
8– إجماع المحللين السياسيين من الغرب والشرق ومن شتى المشارب والاتجاهات على حتمية الحرب، ولم أقرأ خلال هذه الفترة أي رأي يرى عكس ذلك إلا من أصوات ضعيفة لا شأن لها.
9– عدم وجود موقف عربي وإسلامي قوي ضد أمريكا لا حكومياً -وفاقد الشيء لا يعطيه- ولا شعبياً وما هي قدرات الشعوب؟
10– عدم وجود المنافس لأمريكا كقوة عظمى متفردة بقيادة العالم، مما يجعلها لا تحسب لأحد حساباً.
11– الرغبة الملحة من قبل اليهود في أمريكا وإسرائيل في هذه الحرب، والسعي لاستثمارها إلى الحد الأقصى (تصريحات شارون بنقل السلاح الشامل العراقي إلى سوريا ….).
سادساً/ النتائج المحتملة:
1– هزيمة العراق هزيمة ساحقة ربما تتضح قبل بدء الحرب.
2– إسقاط النظام وإقامة نظام موالٍ لأمريكا.
3– تدمير ما بقي من العراق وإعادته إلى الوراء قروناً.
4– انتشار المجاعة والأمراض في العراق وما جاورها.
5– انتشار الفوضى وانفلات الأمن.
6– الحرب الأهلية بين العناصر المختلفة: شيعة وسنة، أكراد وعرب، أكراد وتركمان، أقليات مختلفة: صابئة في الشمال والجنوب، آشوريين وكلدان وسريانيين وكلهم من النصارى، يزيدية.
7– تمزيق العراق إلى ثلاث دول: “شمال كردي، وسط سني، جنوب شيعي”.
8– هجرات مكثفة إلى دول الجوار: سورية، إيران، الأردن، تركيا، السعودية.
9– قتلى بعشرات الألوف وربما بمئات الألوف في حال استخدام أسلحة الدمار الشامل.
10– ازدياد حالات السرطان ووفيات الأطفال إلى معدلات هائلة نتيجة للحصار السابق والحرب الجديدة واستخدام الأسلحة الفتاكة واليورانيوم الناضب.
11– انهيار الوضع الأخلاقي زيادة على ما وصل إليه نتيجة لكل ما سبق.
12 – ضعف موقف السُّنة لقوة الشيعة في الجنوب وبغداد وقوة الأكراد وإن كانوا سنُّة في الشمال (المؤتمر الأخير في لندن).
13– دخول دول الجوار في المعركة: إيران نصرة للشيعة، تركيا منعاً لقيام دولة كردية في الشمال، إسرائيل استغلالاً للوضع وتسريعاً لحل مشكلة فلسطين حسب رغباتها، وربما المملكة منعاً لقيام حكم شيعي أو هاشمي في العراق مما سيؤدي إلى نشوب حروب إقليمية طاحنة تقضي على الأخضر واليابس.
14– انهيار اقتصادي شامل بسبب هذه الأحداث، مما سيؤدي إلى خروج الوضع عن السيطرة.
15– احتمال ضرب العراق لدول الجوار انتقاماً منها لمساعدتها أمريكا في حربه، لاسيما إذا كان يملك أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها.
16– احتمال ضرب العراق لإسرائيل إن كان يملك ما يمكنه من ذلك مع احتساب ردة الفعل الإسرائيلية القوية.
17– هل يمكن أن يترتب على ذلك وقوف بعض القوى في وجه أمريكا: روسيا، الصين، مما سيؤدي إلى عودة الحرب الباردة مرة أخرى وسياسة الأقطاب المتعددة؟
18– احتمال الانفجار الشعبي في الدول العربية ضد حكوماتها.
19– احتمال عودة الانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية.
20– احتمال قيام حركات جهادية لمساندة الشعب العراقي.

التعليقات

بدون تعليقات حتى الآن.

إكتب تعليقاً

الإسـم

بريـدك

موقعك الإلكتروني

أكتب تعليقك